مستقبل الويب هو كل شيء عن السياق "Context"

mamoudiمنذ 9 سنوات

تخيل عزيزي القاريْ لهذه المقالة عالماً حيث محركات البحث ترسل بشكل استباقي المواد الموصى بها، أو حتى أنها ترسل الناس والشركات لمستخدميها؛ وجميع هذه التوصيات هي مفيدة للغاية وذات صلة بما نبحث عنه؛ هذا هو مثال باستخدام السياق في الاكتشاف وهو حقيقة مستقبل الإنترنت (الويب).

للأسف.. جميع محركات البحث اليوم لا تقرأ الأفكار؛ ولا حتى قريبة من ذلك! حتى يبدأ المستخدمون بكتابة المعلومات التي يبحثون عنها؛ ومن ثم يبدأ محرك البحث بالتفكير وإظهار النتائج والتي قد لا تكون مكتملة.

ولكن ماذا لو كان محرك البحث من الممكن أن يبدأ التفكير قبل المستخدم؟ ماذا لو كان محرك البحث يأخذ في الاعتبار العديد من جواتب حياتنا؛ كتاريخ تصفحنا للإنترنت، أو أحداث وأوقات مناسباتنا، أو علاقاتنا الشخصية التي نملكها والتي منها العلاقات التي تم تكوينها في شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة، وما إلى ذلك ومن ثم يقوم بتقديم توصيات لنا تكون فريدة من نوعها وذات صلة لجوانب حياتنا وشخصية أي خاصة بنا . 

ماذا لو أن محرك البحث مكننا من القيام بهذا العمل قبل أن نبدأ بالكتابة ؟

الحمد لله أن الأمور بدأت تتغير للأفضل من ناحية البنية التحتية لخدمات الإتصالات والإنترنت لدينا في المملكة؛ فضلاً عن اتساع شبكة الإنترنت التي ستكون قريباً جاهزة لاكتشاف هذا السياق ، وزيادة تركيزها على خدمة ما يصل المستخدمين من محتوى لا يعرفون أنهم بحاجة إليه حتى الآن. ولكن تبقى القيود المفروضة على الويب الحالي؛ وأوجه القصور للويب الحالي بشكل عام والتي قد لا تسمح بإكتشاف هذا المستقبل قريباً؛  ويمكن تلخيص أبرز أوجه القصور تلك على النحو التالي:

أولها: لا يمكن تخصيص البيانات أو ما يسمى (Siloed Data):

فتخصيص البيانات الشخصية هو الدافع في المقام الأول لتحقيق الهدف منها؛ ولكن عندما تحتكر هذه البيانات من قبل مستودعات أو شركات البيانات في منصات وأنظمة خاصة وتحت سيطرة إدارة واحدة مثل لينكدإن (LinkedIn) أو الفيسبوك (Facebook)؛ فسنصبح غير قادرين على تجميع هذه البيانات إلى راوبط مفيدة؛ إذا أنه لا توجد إلى الآن منصة واحدة لتجميع وتحليل البيانات وتقسيمها؛ وهذا يؤدي إلى فهم أقل شموليةً من الاتصالات الموحدة؛ اللازمة حتى نكون قادرين على تحليل العلاقات بين بيانات الناس وإيجاد الترابط بينها عبر المنصات المتعددة.

كما  أن البيانات لوحدها ليس لها معنى؛ فعلى سبيل المثال: بيانات الشخص على الفيسبوك (FaceBook) ، أو لنيكدإن (LinkedIn) أو تويتر (Twitter) كلٍ منها على حده، ولا تعكس بدقة خلفية ومصالح وخبرات ذلك الشخص. ولكن يمكن عن طريق الجمع بين البيانات  عبر المنصات والقنوات المتعددة؛ أن نبدأ في الحصول على صورة أكثر إكتمالاً عن ذلك الشخص.

ثانيها: التعامل مع الناس كأنهم كلمات رئيسية (Key Words):

الشبكات والاتصالات غنية بالبيانات الإجتماعية؛ فلينكدإن (LinkedIn) وفيسبوك (Facebook) مثلاً قامتا بعمل جبار لجمع هذه البيانات؛ ولكن حتى وقت قريب كانت تستخدم لخلق أنظمة وبيئة محدودة ومغلقة؛ ونتيجة لذلك فمستخدمي الإنترنت حالياً لا يفهمون تماماً كيف يمكن استخدام البيانات الاجتماعية في لبنكد إن  وفيسبوك لفهم أشمل للشخص.

فعلى سبيل المثال عزيزي القاريء لو قلت لك بأن كلمة "سيارات" هي كلمة تقترن بشخص ما. ولهذا فستتوقع أن هذا الشخص ريما يكون سائق سيارات، أو بائع سيارات، أو مهندس سيارات، او مندوب مبيعات للسيارات أو أي مزيج من هذه الأشياء؛ ولهذا فأنه ستتغير أهداف أعمالنا اعتماداً على اتصال الشخص الحقيقي بكلمة "السيارات" وبدون فهم كيفية ارتباط الشخص إلى كلمة رئيسية معينة؛ فأن قدرتنا على الاستفادة من هذه المعرفة ستكون محدودة.

ثالثها: تصنيفات الصفحات في الإنترنت هي موحدة وقياسية وليست شخصية: 

فاليوم؛ مجموعة تحليلات معينة هي التي تحدد ترتيب الصفحات على الإنترنت. فعلى سبيل المثل عندما يكتب المستخدم كلمة "جافا" في أشهر محركات البحث وأضخمها محرك البحث Google؛ فأن المحرك لا بعرف ما إذا كان يتطلع المستخدم لمقهي جافا أو لجزيزة جافا أو للغة جافا البرمجية.. وهكذا. فمحرك البحث Google يقوم بإسترجاع مجموعة موحدة وقياسية من النتائج؛ ولا يأخذ في الإعتبار البيانات الشخصية المحدودة أو القصد المحتمل على الإطلاق.

لذا فإننا سنجد أن ترتيب التصنيفات كصفحات شخصية سيسمح أن تكون أكثر فاعلية في نتائج البحث والإعلانات. خصوصاً لكبار رجال الأعمال والذين قد يعني لهم هذا الفرق تحديد أماكن الصدارة للأعمال كما أنه سيكون مفيداً بشكل عام في اتخاذ القرار لصناع القرار في نفس المدينة أو الصناعة. 

futrure2.jpg

فلو أخذنا أوجه القصور الثلاث أعلاه في عين الاعتبار؛ فدعونا ننظر للنظرة المستقبلية لشبكة الإنترنت للتغلب عليها ...

* في المستقبل السياق هو المفتاح : 

فمستقبل الإنترنت هو كل شيء عن السياق، وهذا المستقبل ليس بعيداً. فهنالك بالفعل أرتفاعاً في استخدام أنظمة السياق التي تسمح للبيانات بأن تتكيف مع الأوضاع الخاصة بالعملاء. فهنالك أدوات مثل تطبيق تشارلي يعطي الناس المعلومات حول بعضها البعض حتى قبل ان يجتمعوا. أيضاًُ خدمة كرستال يعرف والتي تحلل البيانات العامة لإخبار المستخدمين كيفية التواصل مع أشخاص معنين عبر البريد الإلكتروني والدردشة الصوتية. 

شركة (Google) أيضاً سعت لذلك بإمتلاك شركة (TimeFul) وذلك لتعظيم الاستفادة من بريد(Gmail) في السياق وجعله مصدراً مفيداً ، وسيارتها الجديدة أيضاً وجعلها في الصدارة وإعطائها الميزة لتعمل كحلقة وصل بين التطبيقات لخدمة مايصل من معلومات صحيحة للمستخدمين وفي الوقت المناسب. فكل شي في التكنولوجيا يتجه نحو التنبؤ قبل البحث، وفهم نوايا المستخدم وإظهارها على السطح من خلال المعلومات ذات الصلة واستناداً على هذه البيانات.

* بناء مستقبل السياق :

فقبل ان نتمكن من احتضان هذا المستقبل تماماً ؛ فنحن بحاجة إلى تحقيق ثلاثة أمور:

  1.  البحث عن وسيلة لتحقيق أقصى قدر من الذكاء للشبكة: فالعثور على البيانات الصحيحة هو مجرد الخطوة الأولى. فنحن بحاجة إلى سد الثغرات وتعزيز ذكاء شبكاتنا. فالبيانات بحد ذاتها ليس لها معنى ؛ وقيمتها الحقيقية هي في الرؤى المستخرجة منها. حالياً المنصات الحالية ببساطة لا تدعم هذه المهمة. في المستقبل سوف تكون الشبكات لديها القدرة على الرد على سياق البيانات وليس بالبيانات نفسها؛ وسيتم تحديد السياق من خلال مزيج من أربع طبقات للبيانات: 
    • طبقة الجهاز (A device Layer) : حيث ستتواصل الأجهزة مع بعضها البعض.
    • طبقة الشخص (An Individual Layer) : معلومات عن تاريخ التصفح، تاريخ الموقع والسجلات عبر الإنترنت.
    • طبقة الاجتماعية (A Social Layer) : روابط الناس عبر المنصات الاجتماعية.
    • طبقة البيئة (An Environmental Layer) : معلومات عن الظروف الحالية مثل الاعمال التجارية، حالة الشوارع والازدحامات المرورية ، وحالة الطقس .
  2. تطوير منصات عالمية لملامح الشخصية: فكل جزئية من المعلومات حول المستخدمين على حدة تحتاج إلى تجميعها في مكان واحد. وهذه هي الطريقة الوحيدة لفهم كامل السياق لكل مستخدم والحصول على ديناميكية لفهم خصائصه واحتياجاته.
  3. الحصول على فهم أشمل لما تدل عليه بيانات المستخدم: فقد حان الوقت لإتخاذ خطوة استباقية للأمام لتطوير رؤى المستخدمين استناداً إلى السياق حيال من هم؟ ولماذا هم؟ وما الذي يسعون إليه؟ . فشركات مثل(Rappotive) و (Full contact ) صحيح أنها تساعدنا على تظيم البيانات الإجتماعية ؛ ولكنها تفتقر إلى سياق ما هو المطلوب حقاً والفائدة من البيانات الاجتماعية تلك التي تمتلكها. فنحن بحاجة إلى إعادة إختراع تجربة الإنترنت وتخصيص ذلك في سياق ما يخص كل شخص. 

أخيراً ... شبكة الإنترنت الجديدة ستُوقف وضع جميع المستخدمين ضمن فئة واحدة؛ وسنبدأ بفهم لماذا بعض المواقع هي أكثر أهمية لبعض الناس؛ وسوف يكون هنالك عالماً حيث يمكنك كتابة "لمن أحتاج أن أعرف في دروب بوكس (Drop Box) ؟  مثلاً " وستظهر لك وجوه الأشخاص ذوي الصلة والذين تعرفهم جيداً. 

futur4.jpg

كلمات دليلية:
0
إعجاب
3608
مشاهدات
0
مشاركة
0
متابع
متميز
محتوى رهيب

التعليقات (0)

لايوجد لديك حساب في عالم البرمجة؟

تحب تنضم لعالم البرمجة؟ وتنشئ عالمك الخاص، تنشر المقالات، الدورات، تشارك المبرمجين وتساعد الآخرين، اشترك الآن بخطوات يسيرة !